أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- معركة العربيّة.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فـ" ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاّ ذَلَّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبار، ومن هذا يفرض الأجنبي المستعمِر لغته فرضًا على الأمة المستعمَرة ... فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحد:

أمّا الأوّل: فحبسُ لغتِهم في لغته سجنًا مؤبّدًا.

وأمّا الثّاني: فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونسيانًا.

وأمّا الثّالث: فتقييدُ مستقبلِهم في الأغلال الّتي يصنعها، فأمرهم من بعدها لأمره تَبَع ".

[" من وحي القلم " (2/23) للرّافعي رحمه الله].

ومن مظاهر إذلال اللّغة العربيّة هجرُها، واتّخاذ العامّية خدناً بدلها.

- التّقويم الميلاديّ، وزمن مولد المسيح عليه السّلام.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

فقد أجمع أهل العلم على أنّ الأولى هو استخدامُ التّأريخ والتّقويم الهجريّ، وإنّما اختلفوا في وجوبه، وفي حكم من قوّم وعدّ الأيّام، والشّهور والأعوام بغيره.

وأوسط الأقوال وأعدلها إن شاء الله، هو: المنع من إفراد التّاريخ الميلادي بالذّكر، بل يجب أن يذكر قبله التّاريخ الهجريّ، ثمّ يُذكر التّاريخ الميلادي بعده بحسب الحاجة والاضطرار إليه، كما هو حال كثير من بلاد الإسلام ردّها الله إلى دينه ردّا جميلا -.

ووجوه المنع من الاقتصار على التّأريخ الميلادي ما يلي:

- التّرهيب من الاِحتفَال بِأعْيادِ أهْلِ الصّلِيب.

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه نصيحةٌ ونداءٌ، إلى المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الّذين نأمل أن يكونوا كما وصفهم ربّ الأرض والسّماوات:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36]..

والّذين نرجو أن يكون شعارهم ودثارهم:{وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: من الآية285].

- شهر رجب في سطور ...

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على محمّد وعلى آله أجمعين، أمّا بعد:

فقد قال أهل العلم:" إنّ لله تبارك وتعالى خواصّ، في الأزمنة والأمكنة والأشخاص "؛ وإنّ من الأزمنة الّتي خُصّت بالفضيلة: شهر رجب، ولا أدلّ على تعظيمه من تسميته بذلك، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

ولكن كشأن كلّ فضيل، فقد نُسجت حوله الأقاويل والأباطيل، وعلقت بأذهان كثير من المسلمين اعتقادات في شهر رجب ما عليها من دليل، فرغبت في بيان أهمّها في شكل سؤال وجواب، سائلا المولى تعالى التّوفيق إلى الصّواب.

- لماذا يحتفل المسلمون بأعياد الكفّار والمشركين ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اتبع سبيله واستنّ بسنّته واهتدى بهداه، أمّا بعد:

فلك أن تتساءل - أخي الكريم - عن أسباب انتشار هذه المظاهر في بلادنا ؟ .. وما سبب ضياع شخصيّتنا ؟ وما سبب ذهاب نور معالمنا ومبادئنا ومناهجنا ؟ ..

فاعلم أنّ هناك أسبابا كثيرة، وإنّنا نذكر منها ثمانية:

- Mise en garde contre la célébration des fêtes des impies

Louange à Allah le Seigneur de tous, et que le salut et la bénédiction soient sur son prophète Mohammed صلى الله عليه وسلّم, et sur ses proches et ses compagnons.

Ceci est un appel à tous les musulmans, hommes et femmes, aux croyants et aux croyantes en cette foi qui est l'Islam.

Ceci est un conseil à ceux et à celles qu'Allah a adressé la parole dans Son saint Coran en disant :

- تذكير أهل الإيمان بتعظيم لغة القرآن

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فهذه نصيحة إلى إخواننا وأخواتنا الّذين رضُوا بالله ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمّد نبيّا ورسولا، ثمّ بالعربيّة لغةً ولسانا.

لغة نزل بها القرآن العظيم، ونطق بها النبيّ المصطفى الأمين صلّى الله عليه وسلّم ..

نصيحة إليهم كي يجتنبوا التّحدّث بغير اللّغة العربيّة فصيحها أو عامّيتها قدر الإمكان، فيكفي أنّ الحاجة والضّرورة تقودنا إلى التحدّث بغيرها في كلّ مكان.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

Previous
التالي

السبت 17 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 15 أكتوبر 2011 15:20

- رسالة الإصلاح في زمن الغربة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء]

أهلا وسهـلا  بالّذين أودّهم *** وأحبّـهم في الله ذي الآلاء

أهلا بقومٍ صالحين، ذوي تُقى *** غرّ الوجـوه وزين كلّ ملاء

يسعون في طلب العلوم  بعفّةٍ *** وتوقّـر وسكينـة وحيـاء

يا طالبي علم النبـيّ محمّـد *** ما أنتم وسواكـم  بسـواء

أمّا بعد:

فقد روى مسلم في " صحيحه " عن أبِي هريرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ )).

وجاء وصف هؤلاء الغرباء في بعض الرّوايات أنّهم: (( الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي )).

- ( بدأ الإسلام غريبا ):

فقبل البعثة حدثت فترةٌ من الرّسالة - والفترة هي الانقطاع -، لم يُسبق وأن حدثت من قبل، فقد دامت ستّة قرون كاملة، قال تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة:19].

في تلك المرحلة كان يسود العالم دولتان عظيمتان: فارس والرّوم، ومن ورائهما اليونان والهند.

* أمّا فارس: فقد كانت حقلا لوساوس دينيّة فلسفيّة، شاع فيها مذهب زرادشت ومزدك وغيرها، ممّا جعلها تتخبّط في صراعات دينيّة ما لها من زوال.

* وأمّا الرّومان: فقد كانت تسيطر عليهم الرّوح الاستعماريّة، وكانت منهمكة في خلاف عريض بين نصارى الشّام ونصارى مصر، وسادها الانحلال الخلقيّ والظّلم من جرّاء الإتاوات ومضاعفة الضّرائب.

* أمّا اليونان: فكانت غارقة في هوس عريض، وخرافات وأساطير كلاميّة لم تجنِ منها شيئا.

* أمّا الهند: فقد أجمع المؤرّخون أنّها كانت في أحطّ أدوارها دينيّا وخلقيّا واجتماعيّا.

والقدر المشترك بين هذه الدّول هو أنّها كانت تتزعّم الحضارة المدنيّة القائمة على أُسُسٍ مادّية لا تمتّ إلى القيم الأخلاقيّة بصلة.

* أمّا العرب: فهم وإن كانوا بعيدين كلّ البُعد عن التّرف الّذي يقودُهم إلى انحلال الرّوم والفرس .. وإن لم يكونوا على دراية بفلسفات اليونان.. وإن لم يكونوا أصحاب طغيان عسكريّ يفتح لهم شهيّة الاعتداء والاستبداد بغيرهم .. وإن كانوا تابعين لفارس والرّوم.

ولكنّهم كانوا يتخبّطون في ضلال عقديّ مبين تدعو الفطرة نفسها إلى نبذه وطرحه !

فعندئذ كان لا بدّ من أن إصلاح حال البشريّة، وأن تعُود إلى صراط الله ربّ البريّة ..

ووسْطَ هذا الظّلام الحالك .. وفي قلب هذه المهالك .. يبعث الله تعالى أفضل خلقه، وخيرة عباده يخاطبه وهو تحت دثارِه قائلا:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} [المدثّر].

ويأمره بتبليغ كلمة الله عزّ وجلّ:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.

الأرضُ تضرَع للسّـما ***   تهفو إلى أسمـى  لقا

بشراك أحمدواستلم ***   فبس النبوّة مشرقـا

سألت نِياق الحيّ عن أكـرم الورى ؟ قالت: نبـيّ بين البرايـا معـظّـما

فقلت لها يا نوق هل تعرفين مقـام محمّـد ؟ قالت بطيبـة مقـاما مسلّـما

فقلت لها يا نوق هل نبع الزّلال من كفّه ؟ قالت: وقد أروى الجيوش من الظّما

فقلت لـها يا نـوق هـذا محمّـد ! قالت: وقـد صـلّى عليه الله وسلّـما

فزالت الغربة، وانكشفت الكربة، وجاء الحقّ، وزهق الباطل، وعلَت راية الإسلام، وتبدّدت سحب الظّلام، ولكنّ الأيّامَ دولٌ .. والحرب سِجال، ويوم لك ويوم عليك؛ لذلك قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

- ( وسيعودُ غريبا كما بدأ )..

فقد اُبتُليت هذه الأمّة بأزمات عظيمة، ونكبات أليمة، على طول تاريخها، مرورا بأحداث الرّدة السّاخنة، والفتن الدّاخليّة الطّاحنة، ثمّ الهجمات التّتريّة الغاشمة، والحروب الصّليبية الظّالمة، ولكنّ الأمّة مع كلّ ذلك كانت تمتلك مقوّمات النّصر: إيمان صادق، وثقة مطلقة بالله، واعتزاز بهذا الدّين، فكتب الله لهم النّصر والعزّة والتّمكين.

ولكنّ واقع الأمّة اليوم، واقع أليم، وخطبها خطب جسيم، انحرفت انحرافا مروّعا عن منهج ربّ العالمين، وسبيل سيّد المرسلين.

فما كان من الله إلاّ أن أمضى سنّته الكونيّة على أنّ الذلّ والصّغار على من خالف أمره، وأوغر بالتكبّر صدرَه، وهذه السّنن لا تعرف المحاباة ولا المجاملة، والقرآن يصدع بذلك، لا يزيغ عنه إلاّ هالك، فقد قال تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)} [آل عمران]، وقال:{إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دَونِهِ مِنْ وَالٍ}.

وكم غيّرت الأمّة وبدّلت ! وفي جميع جوانب الحياة لشرع الله تنكّرت ! استبدلت بالبعير بعرا، وبالثّريا ثرى، وبالرّحيق حريقا مدمّرا، وظنّت هذه الأمّة المسكينة أنّها إذا التصقت بذيل الأمم المزيّفة، واتّبعت شعاراتها المحرّفة، ظنّت أنّها ركبت قوارب النّجاة، ولكن هيهات هيهات .. إنّها غرقت وأغرقت، وهلكت وأهلكت..

الخطب خطب فادح ***   والعيب عيب فاضح

وعارنا في النّاس  لا ***   تـحمله النّواضـح

وتأمّلوا كلمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( وسيعودُ غريبا كما بدأ ))، فقدّم البُشرَى قبل أن يُخبر بغربة الدّين، ولم يقل: وسيُصبح غريبا ! بل قال: وسيعود غريبا كما بدأ.

وأحوال النّاس أمام هذه الغربة ثلاثة:

صنفٌ لم يزوّد نفسَه لا بالعلم الناّفع ولا العمل الصّالح، فجاءت أمواج الفتن فأخذته. فصار هو نفسه طعنةً في جسد أمّته.

وصنف لا يزال صابرا أمام عواصفها، لكنّه يبكي لحاله، لا يعلم أين المفرّ للحفاظ على رأس ماله. وغفل أنّ الوقت ليس وقت بكاء ونواح.

وصنف لا يهتزّ لما يرى إلاّ للتّغيير، والدّعوة إلى صراط العليّ القدير، يدرك أنّ ما يراه هو وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله.

هؤلاء هم الغرباء، الّذين وصفهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله:

- ( فطُوبَى للغُرباءِ )..

وما هي صفتهم ؟ وما خبرهم ؟ قال: (( الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي )).

الّذين رفعوا شعار الأنبياء كما في قوله تعالى عن شعيب عليه السّلام:{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} [هود].

الّذين مدحهم المولى بقوله:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)} [الأعراف].

ولا سبيل إلى الإصلاح إلاّ بإصلاح الأنفس وتزكيتها:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.

وأوّل سبل الإصلاح:

1- الاعتصام بكتاب الله عزّ وجلّ وبسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

شعوبك في شرق البلاد وغربها ***   كأصحاب  كهف في عميق سُبات

بأيمانهم نوران: ذكـر وسنّـة ***   فـما بالنا في حالـك الظّلمـات

قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)} [آل عمران].

فكأنّ الله تعالى يقول: مهما كان مكر الكافرين الذي تزول منه الجبال، فإنّ إيمانكم لا يمكن أن يزول ما أقمتم على تلاوة الوحي كتابا وسنّة، ومصداق ذلك أيضا قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ )) [رواه الحاكم والإمام مالك].

وروى البخاري ومسلم عن أبي بكر رضي الله عنه قال:" لست تاركا شيئا كان يعمل به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلاّ عملت به، فإنّي أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ !".

ولماّ كان الرّسل أتبع الخلق للوحي اقترن بهم تأييد الله كما قال تعالى:{كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}، وقال:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ، وَإِنَّا جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ}، وقال:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}.

وهذا الوعد ضمنه الله تعالى لأتباع الرّسل، قال الله لموسى وهارون:{أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ}.

وقال لعيسى عليه السّلام:{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ}.

وقال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم:{يَا أَيُّهَا النَبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ}، أي إنّ الله كافيك وكافي الذين اتبعوك.

ومن أعجب الأحاديث ما رواه التّرمذي بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:

" صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العشاء، ثمّ انصرف فأخذ بيدي حتّى خرج إلى بطحاء مكّة، فأجلسني، ثمّ خطّ عليّ خطّاً وقال:

(( لاَ تَبْرَحَنَّ خَطَّكَ؛ فَإِنَّهُ سَيَنْتَهِي إِلَيْكَ رِجَالٌ، فَلاَ تُكَلِّمْهُمْ، فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَكَ )).

قال: ثمّ مضى حيث أراد، فبينما أنا جالس في خطّي إذ أتاني رجال كأنّهم الزّطّ[1] في أشعارهم وأجسامهم، لا أرى عورةً ولا أرى قِشراً، فانتهوا إليّ لا يجاوزون الخطّ ! ثمّ انصرفوا.

فتأمّلوا - إخوتي الكرام - هذه القصّة العجيبة؛ فإنّ استجابة عبدِ الله بن مسعود رضي الله عنه لأمرِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم بلزوم مكانه دفعت عنه شرَّ قومٍ جاءوه في أبشعِ صورة ! ولم يكن بينه وبينهم إلاّ خطّ لو جاءت عليه الرّيح لمحت أثره ! لكنّه خطّ لا كسائر الخطوط، إنّه خطّ السنّة: من لزمه كفاه.

ورحم الله الإمام الشّاطبيّ المالكيّ القائل:" واعلم أنّ الهلاك في اتّباع السنّة هو النّجاة ".

فنسأل الله عزّ وجلّ أن يوفّقنا لاتّباع كتابه وسنّة نبيّه، وأن يهدينا سبل السّلام، إنّه يهدي من يشاء بإذنه إلى صراط مستقيم.

الخطبة الثّانية:

الحمد لله على إحسانه، وجزيل نِعمه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له تعظيما لشانِه، وأشهد أنّ محمّدا عبدُه ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانِه، اللهمّ صلِّ عليه وسلِّم وبارك عليه وعلى أصحابه وآلِه، وعلى كلّ من اتّبع سبيلَه وسار على منوالِه، أمّا بعد:

ومن معالم الإصلاح:

2-الالتزام بجماعة المسلمين، واعتزال أسباب الفرقة:

فإنّ الإسلامَ ما حرَص على شيءٍ بعد كلمة التّوحيد، كما حرَص على توحيد الكلمة؛ ذلك ليكونَ المسلم حقّا من أهل السنّة والجماعة، لا من أهل البدعة والفُرقة.

وقد قال الله تعالى بعد أن أوصانا باتّباع كتابه وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم:{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}،حتّى قال:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا}.

ثمّ قال:{وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}.

قال ابن عبّاس رضي الله عنهما:" تبيضّ وجوه أهل السنّة والائتلاف، وتسودّ وجوه أهل الفُرقة والاختلاف ".

بل إنّ الاجتماع والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف وصيّة الله لجميع الرّسل، قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}.

وجعل الله تعالى هذه الفُرقة من أعظم أسباب الفشل وذهاب القُوّة، فقال عزّ وجلّ:{وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، فالتفرّق والاختلاف أعظم ما يفرح به أعداء الله تعالى، لأنّ المسلمين باجتماعهم وتراحمهم كالحزمة من الحطب لا يستطيع أحد كسرها، فإذا فُرّقت عن بعضها كُسِرت.

وواجب المسلم عند تفرّق النّاس أن يلزم جماعة المسلمين الأصل، وعلى رأسها ما عليه أئمّتهم وعلماؤهم، ويعتزل كلّ من دعا إلى غير دعوتهم، وليضع نُصب عينيه وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه:

فقد روى الترمذي عن عقْبةَ بنِ عامرٍ قال: قلت: يا رسُولَ اللهِ ! مَا النَّجَاةُ ؟ قال: (( أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ )).

واحذر أن تكون من الّذين يسعَوْن في الفتنة، فإنّك تزيد النّار نارا، والأمر خسارا، ولا يمكن أن تنجُو من حبائلها.

فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( سَتَكُونُ فِتَنٌ: الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ )).

فالجماعة رحمة، والفرقة عذاب، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها:

كن حلس بيتك إن سـمعت بفتنة ***   وتـوقّ كـلّ منافـق فـتّان

جـمـّل زمانك   بالسّكوت فإنّه ***   زيـن  الـحليم وسترة الحيران

لا تشغلنّ بعـيب غـيرك غافـلا ***   عن  عـيـب نفسك إنّه عيبان

3- العمل الدّعوي: فالعمل لهذا الدّين مسؤوليّة الجميع.

فالدّعوة ليست من واجب الدّعاة فحسب، فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً )): (بلِّغوا): تكليف، و(عنّي) تشريف، و(لو آية) تخفيف.

وتأمّلوا قصّة أصحاب القرية في سورة " يس "، الّذين أرسل الله إليهم رسلاً ثلاثة ! فكُذِّبوا، ولم يمنع وجودُهم من أن يأتِي ذلك المؤمن الّذي قصّ الله علينا خبره قائلا:{وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)}.

بل ظلّ يحبّ الخير لقومه:{قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)}.

الشّاهد أنّه لم يمنعه وجود ثلاثة من الرّسل من أن يكون داعيةً هو الآخر لله تعالى.

فاللهمّ أنت أصلحت الصّالحين، فأصلح قلوبنا، وأعلِ هممنا، واجعلنا كما تريد لا كما نريد، واجعل أنفاسنا وحركاتنا وسكناتنا وقفا عليك، وخذ بأيدينا إليك

يا نـفـسُ سـُحّي  أبـدا *** يا نـفـسُ مـوتي كـمـدا

ولا تُـحــبّي أبـــدا *** إلاّ الـجـليـل الصّـمـدا



[1] قوم من السّودان أو الحبشة، شبّههم بهم لسوادهم وهيئتهم.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.